نعم يا ولدي ..
لأن القائد الصالح يملك رؤيته الصالحة ، ويملك أهدافه الصالحة ، ويملك أدواته وأساليبه الصالحة ، فهو يحتاج لسلاح جبار يدعمه بقوة وبثبات ، ويمهد الأرض له لتصير أرضا صالحة يسير فوقها عارفا ومعروفا ..
أن تكون داعية صالحا يعني..
أن تكون متقدما الجميع في طرح أفكارك ،
والمبادر في اقتراح الأسئلة والأجوبة التي يحتاج الناس إليها ليكونوا على بصيرة من أمرهم وهم يلبون دعوتك
أنت القائد الذي تدعوهم ليقفوا معك جندا ، وليندمجوا تحت لواء قيادتك كجزء أصيل في تكوينها المتحفز نحو الأمام .
الداعية المتمكن من أدواته ومن قدراته .. والذي يمثل في النهاية الجهاز الإعلامي الكبير الموصول بينك وبين الناس في وطنك في العالم كله ،
الجهاز الذي يصل بالحقائق والمعلومات والعلوم والأخبار إلى الجميع بدون تمييز وبعيدا عن أي احتكار لأي كلمة بقصد أو بدون .
ويمكن أن تكون أنت ذلك الداعية ويمكن لآخر أن يكون هذا الداعية ..
ففي حالة العمل بمفردك خصوصا في أوائل تكوينك فإن الجهد كله والعمل جميعه يعتمد عليك أنت ، حتى تتوسع دعوتك ، وتلقى آذانا صاغية لها ، ومن ثم قلوبا تنفتح أمامها ، وبعدها العقول والعواطف تميل إليك وتبدأ في تشكيل البنية الأولى لأنصارك ومعاونيك ولفريقك المؤمن بقضيتك وبفكرتك القائدة وبك أنت كقائد حقيقي صادق الفكر ، نقي القلب وطاهر اليد ،
وأن يكون رائدك ومنطلقك في الدعوة دائما ، قول الله العزيز الحكيم " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ".
وكن هذا الداعية ذو القلب القوي ، ثابت الجنان ، والذي ينطق بلسان فصيح منطلق ، ويخرج الكلم منه واضحا سلسا بسيطا مفسرا نفسه بنفسه ، الممتلئ بمعاني الإيمان الصادق ، والإخلاص الوفي ، والحمية العامرة المتوثبة ، والأسرة الحاضنة .. والمشاعر الجياشة الأمينة ..
وكداعية يجب عليك أن تكون صديقا للجميع وأخا لهم ، وراعيا لمصالحهم ، وإماما يدلهم ويقودهم إلى طريق الفلاح والفوز ويسير بهم فوق دروب النصر والعزة والتمكين .. تحت مظلة الحياة الطيبة الخيرة السعيدة .
نعم يا ولدي ..
القائد الصالح يحتاج لأن يكون داعية تبشير وأمل بكل معنى الكلمة ، داعية للإيمان ، وداعية للخير ، وداعية للعلم ، وداعية للوحدة وللبناء وللعمل .. إنه داعية المستقبل الصالح .
الدعوة بالنسبة للقائد الصالح قضية ذات أولوية ، فبها يتم اختراق مجاهل العقول المغلقة ، وبها يتم هدم أسوار المجتمعات الجاهلة المتخلفة ، وبها يتم زراعة الأفكار الصالحة التي تقوم عليها قيادته ، وبها يجمع الناس حوله جنودا مخلصين أوفياء ، وبها يسطر أول سطور ملحمة القيادة الصالحة التي يحمل أمانة الوصول بها إلى البر الأمين .. بر السلام والنجاح ، والتي هو عنوانها الموجه والمرشد والقائد ، يتحرك من مكان إلى مكان ، ومن فكرة إلى فكرة ، ومن جماعة بعد جماعة ، ومن أداة إلى أداة أكثر نفعا وتأثيرا ، ..
نعم نجاح القائد الصالح يعتمد كثيرا على قدرته على توصيل ما يريد ، وعلى توضيح فلسفته وأساليبه وإمكانياته ، كما يعتمد على قدرته على بناء الأفكار والأعمال بعضها فوق بعض في سعيه لبناء المجتمع الصالح المميز .
والداعية يحتاج إلى شروط
أولها الصدق .. فلا يقدم معلومة هشة أو كاذبة ..
وثانيها صلاح الفكرة التي يروج لها ،
وثالثها صلاح الوسيلة التي يستخدمها لتوصيل أفكاره و ملاءمتها ،
ورابعها أن تكون القدوة جامعة عامة تحقق مصلحة عامة بعيداً عن شبهات الاستغلال الفردي أو تفضيل المصالح الخاصة ،
وخامساً أن يقدم القدوة بين يدي دعوته ، فلا يدعو إلا بما هو ماثل فيه وقائم عليه ،
سادسا أن تكون بطانته صالحة من العلماء أصحاب الخبرة والهمم العالية ،
وسابعا التحمل والجهد والصبر والنفس الطويل ، ففي بعض الحالات يحتاج الداعية إلى زمن أطول من غيره ، يحتاج لطرق أخرى مميزة تثمر مع جماعة دون غيرها ..
ثامناً عدم التكرار الذي يجلب الملل والفتور ، والسعي دائماً نحو التجديد في الوجوه والأدوات والطرح ..
نعم يا ولدي ..
على القائد الصالح أن يعلم أنه يلج مجهولاً فلا يخاف ، وأنه يغوص في بحر لجي فلا يخشى ، وأن عواصفا ستواجهه في أماكن وفي أوقات مختلفة .. فلينحن أمامها إلى أن تمر علامات الغضب وتحل مكانها إشارات القبول ، فيعود بطرح فكره وأدواته بهدوء واطمئنان ..
وهذه تاسعاً فعلى القائد أن يكون داعية واثقاً من نفسه مالكاً لجأشه ، ثابتاً على مواقف الحق والخير ..وإلا فإن أي تردد أو حيرة تبدو فيه كفيلة بإسقاط دعوته من أول السلم .